يرى البعض أن التعليم هو عملية ترتيب وتنظيم جميع الشروط المتعلقة بعملية التعلم سواء ما كان منها متصلاً بالمتعلم وخبراته ودافعيته، أو ما كان متصلاً ببيئته المحيطة أثناء عملية التعلم. وهذه العناصر كلها تتشابك وتتداخل مع بعضها، وسأقوم في عرضي هذا، التعرض لمفهوم الدافعية ومدى تأثيره على حدوث التعلم لدى الفرد.
ما هي الدافعية ؟
يشير هذ المصطلح إلى "مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تحرك الفرد من أجل إعادة التوازن الذي اختل، فالدافع يشير إلى نزعة للوصول إلى هدف معين وهذا الهدف قد يكون إرضاء حاجات داخلية أو رغبات داخلية"، وهي "مجموعة المشاعر التي تدفع المتعلم إلى الانخراط في نشاطات التعلم التي تؤدي إلى بلوغ الأهداف المنشودة وهي ضرورة أساسية لحدوث التعلم و بدونها لا يحدث التعلم".
ما علاقة الدافع بما يسمى بالحاجة؟
يشير مفهوم الحاجة إلى الحالة التي تنشأ لدى الكائن الحي عند انحراف الشروط البيولوجية أو السيكولوجية اللازمة المؤدية لحفظ بقاء الفرد. أما الهدف فيشير إلى ما يرغب الفرد في الحصول عليه ويشبع الدافع بنفس الوقت.
وعندما يكون الهدف خارجياً أي مرتبطاً بالبيئة الخارجية يسمى بالحافز أو الباعث فالطعام هو حافز أو باعث لأنه يشبع دافع الجوع، فالدافعية إذن هي عبارة عن الحالات الداخلية للعضوية التي تحرك السلوك وتوجهه نحو تحقيق هدف أو غرض معين وتحافظ على استمرار يته حتى يتحقق ذلك الهدف. في الفلسفات القديمة التي بحثت في الطبيعة الإنسانية كانت السلوكات الإنسانية تفسر على أساس الغريزة، أما اليوم فقد استبدل هذا التفسير بآخر وهو الدافع أو الحاجة، وقد عومل المفهومان أحياناً على أنهما يحملان نفس الدلالة حتى أن علماء النفس قد استخدماهما بنفس المعنى وللتمييز بينهما استخدم مفهوم الحاجة للدلالة عن الحاجة الفيزيولوجية للخلايا الناجمة عن الحرمان، بينما يشير مفهوم الدافع للدلالة على الحاجة السيكولوجية الناجمة ن الحاجة والتي تدفع الفرد للسلوك باتجاه إشباع الحاجة، فيمكن القول أن الدافع هو الجانب السيكولوجي للحاجة.
ما هو الحافز أو الباعث؟
عادة يقدم الفرد على سلوكات تؤدي إلى حصوله على حوافز إيجابية أو ترتبط بحوافز إيجابية، وسوف يحجم عن سلوكات تؤدي إلى حصوله حصوله على حوافز سلبية أو ترتبط بحوافز سلبية، ومن هنا نرى أن الجوائز والمكافآت والامتيازات التي يمكن أن يحصل عليها الفرد عملاً قوياً في استثارة سلوكه وتوجيهه وجهة تمكنه من الحصول على هذه الحوافز الإيجابية، بينما تعمل الاحباطات والمزعجات والمنغصات التي ترتبط مع موضوع معين إلى إبعاد الفرد عن القيام بسلوك تجاه ذلك الموضوع. وعملية التعلم يمكن أن تكون مرتبط بالحافر الخارجي أو بالحاجة والدافع الداخليين وفي هذه الحالة تكون النتيجة أفعل فالدافع الداخلي يعتبر شرطاً أساسياً للتعلم الذاتي، وعلى المعلم أن يعمل على جعل دافعية المتعلم للتعلم منطلقة من حاجة ودافع داخلي أكثر من انطلاقه من حافز خارجي وخاصة المادي منها، فهذا سيعمل على تنمية التعلم الذاتي مما يدفعه إلى مواصلة التعلم مدى التعلم، ولن ننسى التركيز على أن وجود الدافعية لدى المعلم لا تقل أهمية عن دافعية المتعلم للتعلم فالمعلم هو من سيوجدها لدى المتعلم وفاقد الشيء طبعاً لا ولن يعطيه.
كيف يثير المعلم الدافعية في طلابه داخل الصف؟
1 . البحث عن حاجات الطلاب الفردية والتخطيط لإشباعها، فعلى المعلم أن يتعرف على الحاجات الفردية ويربطها بالأهداف الخاصة لديه ويوجهها عن طريق الأنشطة الناسبة نحو تحقيق النتاجات المرغوبة.
2. إثارة فضول المتعلمين وحب الاستطلاع لدى المتعلمين، ويتحقق هذا من خلال تعدد النشاطات كلفت الانتباه إلى التناقض بين المعلومات أو طرح الأسئلة المثيرة للتفكير، أو تشكيكهم بما لديهم أصلاً من معلومات.
3. توظيف إنجاز الفرد على اعتباره مصدراً للدافعية فإنجاز الفرد وإتقانه لعمله يشكل دافعاً داخلياً يدفعه للاستمرار في النشاط التعليمي.
4. توظيف القدرة على اعتبارها مصدراً للدافعية: فالفرد يسعى دوماً لزيادة قدرته للقيام بأعمال عدة في بيئته ليحقق من خلالها النجاح، فعندما يشعر المتعلم بأن سلوكه الذي يمارسه "التعلم"يؤدي إلى شعوره بالنجاح تزداد ثقته بنفسه وبقدراته مما سيدفعه إلى ممارسة نشاطات جديدة "تعلم جديد".
5. توظيف الحاجة لتحقيق الذات كمصدر للدافعية:وقد احتلت الحاجة لتحقيق الذات قمة سلم الحاجات الإنسانية فالإنسان كما يرى التربويين يولك ولديه ميل لتحقيق ذاته وهذه قوة إيجابية داخلية تتوج سلوك الفرد لتحقيق النجاح الذي يؤدي إلى شعور الفرد بتحقيق وتأكيد ذاته، والمعلم الناجح يستطيع توظيف هذه الحاجة لإثارة الدافعية لدى طلابه وذلك عن طريق إتاحة الفرصة أمامه لتحقيق ذاته من خلال النشاطات التي يمارسها في الموقف التعليمي والتي تبعث في نفسه الشعور بالاعتزاز والاحترام والثقة.
6. استخدام أسلوب الحوافز المادية مع المتعلمين مثل الدرجات أو قطعة حلوى، أو المعنوية كالمديح أو لوحة الشرف وكم ذكرنا يفضل ألا يعتاد المتعلم على الحافز المادي.
7. بناء علاقة جيدة ما بين المعلم والمتعلمين، فبمقدار محبة المتعلم لمعلمه ستزداد دافعيته لتعلم مادته.
8. العمل على ربط المعلومة الجديدة بمعلومات وتعلمات سابقة.
9. ربط التعلم الجديد بحياة المتعلم.
10. ربط التعلم بالعمل ما أمكن ذلك.
11. استخدام طرق و أساليب ووسائل تعليمية مشوقة مثل: أ. الطريقة الحوارية. ب. الطرق الاستنتاجية والاستدلالية "كالاستقراء والقياس" ت. التجارب العلمي. ث. إعداد البحوث. ج. طريقة حل المشكلات. ح. الرحلات العلمية والمنهجية. خ. طريقة المشروع. د. طريقة موريسن أو الوحدات.
12. التنويع في وسائل الإيضاح المحسوسة والغير محسوسة.
نستنتج من كل ما سبق أن المعلم الناجح هو القادر على بناء شخصية متوازنة لدى طلبته بإحداث التغيير المطلوب أي تحقيق الأهداف المطلوبة من المادة سواء كانت معرفية أو وجدانية أو نفسحركية، ومن المؤكد أن هذا كله لن يتحقق بدون توفر الشرط الأساسي وهو وجود الدافعية لديه للتعليم وإيجاد الدافعية الكافية لدى طلبنه للتعلم، فالدافعية ستعمل على حدوث التدريس والتعلم الفاعلين فنمط التدريس معها سيعتمد على النشاط الذاتي والمشاركة الإيجابية للمتعلم، ووجود علاقة الشراكة بينه وبين المتعلم.
الأستاذة علياء يحي العسالي لموقع تكنولوجيا التعليم