انطلاقا من الكفاية المستهدفة يتم تحديد الهدف التعلمي (مفهوم رياضياتي، تقنية،...) والحاجيات الضرورية لتحقيقها عبر المراحل التالية:
· المرحلة الأولى: تحليل واختبار البرامج
- ما هي خصائص المفهوم المراد معالجتها ؟
- ما هي الروابط القبلية والبعدية التي تؤطر المفهوم ؟
- أي تقويم لهذا المفهوم ؟
· المرحلة الثانية : أسئلة ديدكتيكية
- ما هي المسائل التي يتطلب حلها ضرورة استعمال هذا المفهوم ؟
(يجب اعطاء هذا المعيار أهمية خاصة، وذلك بعدم إدراج مسائل أخرى يستطيع التلاميذ حلها باستعمال مفاهيم أخرى، غير تلك التي نود تطويرها أو بناءها).
- ما هي العوائق التي تعترض التلاميذ لتعلم هذا المفهوم ؟
- ما هو مستوى التحكم والاستعداد المرتقب عند التلاميذ بخصوص المعارف ومعارف الفعل؟
- تدبير وضعية ديدكتيكية :
لمساعدة المتعلم على بناء تعلماته، يقترح الأستاذ مجموعة من وضعيات تستهدف إثارة فضول المتعلم ويوضح الامتدادات المساعدة على بناء معارف جديدة. فالتعلم لا يحصل مرة واحدة، لأن بناء مفهوم رياضياتي يتطلب وقتا تتخلله لحظات للتقدم وأخرى للرجوع إلى الوراء.
إن تدبير التعلمات في الرياضيات يكون عبر تدبير وضعيات ديدكتيكية متمفصلة حول مراحل كالتالي :
- المرحلة الأولى: تملك الوضعية (Appropriation de la situation)
يتبنى التلاميذ المسألة المقترحة وينخرطون في البحث عن الحل عن طريق تعبئة واستثمار معارفهم السابقة. في هذه المرحلة يقوم الأستاذ برصد مكتسبات المتعلمين باعتبار الصعوبات التي تعترضهم لبناء تعلماتهم، وتسمح هذه المرحلة بتوظيف المفاهيم والمهارات والتقنيات الرياضياتية من لدن التلاميذ، باعتبارها أدوات صريحة تساهم ولو جزئيا في حل الوضعية المشكلـة.
- المرحلة الثانية: التعلم (Apprentissage)
يواجه التلاميذ صعوبات لحل الوضعية المشكلة بكيفية تامة، خصوصا إذا كانت الاستراتيجية المستعملة عالية الكلفة (من حيث الوقت، الأخطاء، عدد العمليات...). هذه الصعوبات تقود التلاميذ إلى البحث عن أدوات جديدة، تقبل تكييفها مع القديمة لتنسجم مع النسق المعتاد وتخلق أدوات أخرى تساعدهم على الحل، وتيسر لهم الفهم.
- المرحلة الثالثة: التوضيح والصياغة (Explicitation et formulation)
في هذه المرحلة يحاول المتعلمون توظيف مكتسباتهم السابقة، خاصة التي كان لها دور أساسي في البحث عن الحل، حيث تتم صياغتها بشكل مؤقت ككائنات رياضاتية (جداول، صيغ رياضياتية، مبيان ...) أو تقنيات أومهارات، وقد يتعلق الأمر بتصورات أو أفكار تكون موضوعا للمناقشة والتفاوض وتؤدي إلى صياغات مبررة تمثل أداة جديدة وصريحة قابلة للاستعمال والاستئناس بها.
وفي هذه المرحلة يتم التصديق على إنتاجات التلاميذ عن طريق المناقشة الجماعية لإثبات صلاحيتها .
- المرحلــة الرابعة : التمرن ( Entraînement )
تسمح هذه المرحلة للتلميذ بتملك الأداة الجديدة عن طريق استعمالها .
- المرحلة الخامسة : المأسسة ( Institutionnalisation )
يتلقى المتعلمون المعلومات بكيفية متباينة أثناء وضعيات التواصل؛ ولإعطاء طابع الشرعية لبعض المعلومات خاصة التي ما زالت أدوات أولية لم تصل إلى مستوى المعارف، يجب أن تصبح كائنات رياضياتية حقيقية، كشرط ضروري لبناء المعرفة الرياضياتية لدى المتعلمين، وضمان تطورها عبر سيرورة ...
ويتمثل دور الأستاذ في هذه المرحلة في تقديم ما هو جديد مع الاحتفاظ بالمصطلحات المستعملة، ويعمل على تنظيم وهيكلة التعاريف والمبرهنات والبراهين مع التركيز على ما هو أساسي. فهوالمسؤول إذن عن مأسسة المفهوم المستعمل والرقي به من طابعه الذاتي إلى الطابع الموضوعي.
- المرحلة السادسة: الاستئناس وإعادة الاستثمار (Familiarisation – réinvestissement )
يقوم التلاميذ بحل وضعيات مشاكل عن طريق توظيف المفاهيم التي تمت مأسستها، كما أنهم يعملون على تطوير المعارف ومعارف الفعل ومعارف الكينونة وإدماجها، لاختبارها في وضعيات مركبة تسمح لهم بتطوير مستوى التحكم في المكتسبات الجديدة.
- المرحلة السابعة: مسألة جديدة (Nouvelle situation problème )
يقترح الأستاذ على التلاميذ وضعية مشكلة مركبة يتخذ فيها موضوع الدراسة مكان معرفة قديمة في سلك جديد.
- في بعض الأحيان يكون من الضروري قطع أكثر من سلك للوصول إلى سلك تعلمي كامل.
- بعض الأدوات والممارسات الاعتيادية تنتظر سنوات قبل أن تتحول إلى كائنات أو مواضيع معرفية.
- بعض الكائنات الرياضياتية قد تكون موضوع عرض مباشر من لدن الأستاذ أو الكتاب المدرسي.
ضمان التحكم في الأدوات التقنية
إن المعلومات الجديدة يتم بناؤها على أساس المعلومات القديمة، لذلك ينبغي تعرف هذه الأخيرة، وتقويم مستوى التحكم فيها، من أجل اقتراح إجراءات نوعية تضمن تطور الأدوات التقنية.
تحليل العلاقات بين التلاميذ والمعارف الرياضياتية المستهدفة
غالبا ما يقيم التلاميذ علاقات صعبة ومعقدة مع المعارف الرياضياتية، نتيجة حالات الفشل المتكررة خلال مسارهم الدراسي، هذه العلاقات تتغير عند ما يتم تعويض الأنشطة التقليدية بوضعيات مشاكل مفتوحة تدعو المتعلمين إلى بناء استراتيجيات شخصية في البحث عن الحل.
توقع وضعيات تطويرية.
إن وضعيات التعليم والتعلم ينبغي إعدادها بحيث تكون الأدوات المعروفة التي يتحكم فيها المتعلمون لا تمكنهم من حل الوضعية المسألة المقترحة بكيفية كاملة ومُرْضِية، لأن الصعوبات التي تواجههم في البحث عن الحل هي المنطلق لبناء وتطوير معارفهم الرياضياتية، وإن أي إقصاء أو تجنب لهذه الصعوبات لا يسهل التعلم، بل يجعل المعارف المستهدفة تفقد معناها لدى المتعلمين.
تعرف المتغيرات الديدكتيكية
إن وجود العوائق التي تقود إلى تطوير المعارف لدى المتعلمين يتم من خلال مناولة متغيرات ديدكتيكية، وهي بدورها عوائق تحدث لديهم اختلالات تكون ضرورية للتعلم (اللاتوازن المعرفي عند بياجي )، ولذلك يصبح ضروريا وصف هذه العوائق وتحديد الدور الذي تؤديه، وحدود نجاعتها في حل بعض الوضعيات المسائل.
ومن الأمثلة على ذلك نذكر :
- متغيرات مرتبطة بالمحتوى:
- حجم الأعداد المتداولة: إن حجم الأعداد ( من حيث كبرها أو صغرها ) وطبيعتها (طبيعية، عشرية، أوكسرية) الواردة في الوضعية المشكلة يؤثر سلبا أو إيجابا في حل المسألة من حيث الكلفة والصعوبة أو السهولة.
- صورة أو طبيعة الشكل الهندسي وموقعه بالنسبة لهوامش الصفحة (أفقي، عمودي، مائل...)
- متغيرات مرتبطة بتدبير الوضعية:
- ضرورة القيام بصياغة كتابية للنتيجة أو الطريقة المعتمدة
- شكل العمل المطلوب: فردي أو جماعي، يؤدي إلى إنتاجات متباعدة أو متقاربة
تحديد الإِعمــال
ينبغي أن تكون واضحة بحيث تمكن المتعلمين من تعرف المهمة المطلوبة بكيفية واضحة لا تقبل التأويل، غير أنها لا يجب أن توجه التلاميذ إلى الحل أو توحي به أو تحمل مؤشرات عن الطرق التي ينبغي استعمالها.
- دور الأستــاذ:
- يتحقق من أن جميع التلاميذ قد انخرطوا في البحث عن الحل
- يتحقق من أن كل تلميذ قد قام بعرض نتيجة أعماله
- ييسر الحوار بين أفراد مجموعات العمل في حالة العمل بالمجموعات
- ييسر عرض النتائج وتنشيط النقاش، ولا يتدخل في محتوى الحوارات داخل مجموعات العمل، ولكن يمكنه أن يطلب منهم صياغة كل ما يتفقون عليه من نتائج من أجل عرضها خلال مرحلة العرض الجماعي (mise en commun ).
- يحث على بناء وحسن بلورة التبريرات والصلاحيات
- يعرف المعارف الجديدة ومعارف الفعل التي تم بناؤها ويحدد ما هو أساسي للاحتفاظ به وما هو مساعد وثانوي ليستعين به.
- أشكــال العمل:
يعتبر التناوب والتكامل بين أشكال العمل من العوامل المهمة والفاعلة في تنشيط وتطوير الوضعيات. ذلك أن العمل بالمجموعات يسمح بالحوار ويشجعه ويحث على النقاش والتفاوض ويبرز الصعوبات ومختلف التصورات ويقود إلى إنتاجات متباعدة، كما يمكن من التعاون وتجاوز الخلافات والمواجهات الفكرية. إنها فرصة تسمح للأستاذ بتقديم دعم فارقي على ضوء الإنتاجات المتوصل إليها من لدن المتعلمين؛ أما العمل الفردي فلا يجب التقليل من أهميته، لأنـه أسلوب يمكن كل متعلم من استعمال وتعبئة معلوماته الذاتية واختبارها.