إن حسن اختيار الطرائق والإستراتيجيات المعتمدة لأجل تدريس التعبير الكتابي، يلعب دورا مهما في تمكين المتعلم من هذه المهارة. فأحيانا الصعوبات التي يواجهها المتعلمون في هذا الإطار قد ترجع إلى الطرق المعتمدة في التدريس، لهذا فالمدرس عليه أن يحرص أشد الحرص على تنويع هذه الطرائق والاستراتيجيات حسب ما يفرضه: سياق التعلم من جهة، والصعوبات التعلمية التي تعترض المتعلم من جهة أخرى. وذلك بغية الرقي بمستوى الكتابة لديهم.
ولتمييز الطرق الناجعة
في تدريس مهارة التعبير الكتابي من غيرها، تظل عملية التقييم هي الوسيلة المثلى للكشف عن ذلك.
فمالمقصود
بالتقييم؟
وماهي أهم الطرق المعتمدة في
تقييم مهارة التعبير الكتابي؟
وماهي المعايير اللغوية والشكلية التي على أساسها يتم هذا التقييم؟
وماهي المعايير اللغوية والشكلية التي على أساسها يتم هذا التقييم؟
1. مفهوم
التقييم
التقييم
لغة:"هو إسناد أو إعطاء قيمة لشيء ما"[1].
وهي عملية ترتكز أساسا على إصدار حكم قيمة
على شيء أو شخص، أو حدث إلخ... ونجد أن هنالك الكثير من البحوث
والدراسات التي تخلط بين مصطلح التقييم والتقويم.إلا أنهما في الحقيقة كلمتان
مختلفتان من حيث الجذر اللغوي الذي اشتقت منهما. فالتقييم اسم مشتق من فعل قيم، في حين أن التقويم اسم
مشتق من فعل قوم. بمعنى إصلاح الشيء بعد اعوجاجه. وعليه فهذين المصطلحين يختلفان
مبنى ومعنى.واستعمالهما على وجه الترادف هو أمر لا يستقيم.
والتقييم في مجال علوم التربية هو عملية ملازمة للعملية التعليمية التعلمية، فمن خلاله يتعرف المدرس على مدى تحقق الأهداف التي سطرها قبل بداية الدرس. وكذا من مدى تمكن
المتعلم من التعلمات التي قدمت له."التقييم حسب الدراسات الدوسمولوجية يعني
كل نشاط يرمي إلى تحليل وتأويل نتائج أو
علامات آتية من القياس وذلك من أجل اتخاذ قرارات جيدة. بمعنى آخر:التقييم هو إعطاء
قيمة لنتيجة في مقابل معيار أو قانون"[2].هذا
ويعرف كذلك التقييم على أنه "إصدار حكم موضوعي يتم استنتاجه انطلاقا من قيمة
معينة"[3]. ومن هنا
يتبين أن التقييم التربوي يقوم أساسا على عملية تسبقه تسمى القياس.و يرى جيلفوردJ.P.GUILFORD
أن
"القياس من فعل قاس والذي يعني ربط عدد بشيء، أو بحدث حسب قاعدة مقبولة منطقيا"[4].وعند
R.F.Mager في كتابه كيف نقيس نتائج التعليم، يقول: تحدد عملية القياس
...امتداد بعض الخصائص بالنسبة لموضوع ما أو شخص ما.فعندما نحدد مثلا طول غرفة،
أو وزن شيء ما فإننا نقوم بالقياس"[5].
ومن ثمة
فالتقييم هو إصدار حكم يتسم بالموضوعية لأنه ينبني أساسا على نتائج القياس التي
تصاغ وفق قواعد منطقية.
هذا وينقسم
تقييم التعلمات إلى ثلاثة أنواع كبرى[6]:
- تقييم تشخيصي:
ويسمى أيضا "بالتقييم التمهيدي، أو الاستكشافي
ويهدف إلى فحص وضعية الانطلاق وتعرف خصائص المتعلمين والمتعلمات قبل الشروع في العملية التعليمية التعلمية. وينجز في
بداية السنة الدراسية أو الأسدس ....،
ويفيد في معرفة المكتسبات السابقة والكشف عن مواطن الخلل
في تحصيل التعلمات"[7]. لهذا يعد هذا النوع من التقييم أساسيا قبل الشروع في
إرساء التعلمات لأنه تجعل المدرس على
دراية بمواطن القوة التي سيعمل على
تعزيزها ومواطن الخلل التي سيقوم بتقويمها.
- التقييم التكويني :
أو ما يسمى بالتقييم المرحلي، ويتم في غضون سنة أو فترة
دراسية، أو يتخلل درسا أو حصة أو أسابيع تعلم الإدماج. وهو مجموعة من الإجراءات
العملية التي تستهدف توجيه تعلم المتعلمين والمتعلمات في الاتجاه الصحيح وتحديد جوانب القوة
لتعزيزها"[8]. ويمكن
هذا النوع من التقييم من مراقبة مستوى المتعلمين بشكل مستمر تجنبا لتفاقم مشكلاتهم التعلمية.
- التقييم الإجمالي :
ويسمى كذلك "بالتقييم الختامي
أو ألإشهادي . يلجأ إلى هذا النوع من التقييم في آخر السنة الدراسية، أو مرحلة أو
أسدس، أو درس، ويهدف إلى تحديد النتائج الفعلية للتعلم ومدى تحقق الكفاية"[9].و
تعد هذه الأنواع من التقييم أنواع عامة لا ترتبط بمادة من المواد الدراسية، وإنما
هي صالحة لجميع المواد.
وللتقييم ثلاث وظائف كما جاءت
محددة في البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بالسلك الابتدائي: وظيفة توجيهية ،
وظيفة تعديلية، وظيفة إشهادية.وهو يستند
إلى نوعين من المعايير:
- · معيار الحد الأدنى:"هي معايير أساسية يعتبر التمكن منها ضروريا لامتلاك الكفاية، تحدد في معايير الملاءمة والاستعمال السليم لأدوات المادة والانسجام"[10].
- · معيار الإتقان: هي معايير تتيح فرصة التميز بين المتعلمين والمتعلمات.كالتقديم الجيد للمنتوج"[11].
وعليه نخلص إلى أن التقييم عملية أساسية تطال الموارد
والكفايات، حيث تهدف إلى مراقبة أهداف التعلم التى حددت في مرحلة التخطيط.
"يقول) Grounald,2000 (التقييم يسهم في
معرفة درجة تحقيق الأهداف الخاصة بتقييم
العملية التعليمية التعلمية"[12]
ويمكن تلخيص أهمية التقييم التربوي على الشكل الآتي[13]:
- · كونه جزء أساسي في العملية التربوية، وركن من أركان عملية بناء المناهج بصفة خاصة من أجل معرفة قيمة أو جدوى هذا المنهج.
- · تقديم معلومات هامة تتعلق بالمتعلمين.
- · لم يعد مقتصرا على قياس التحصيل الدراسي للمواد المختلفة، بل تعداه إلى قياس مقومات شخصية الطالب من شتى جوانبها، وبذلك اتسعت مجالاته وتنوعت طرقه و أساليبه.
- · أصبح التقييم حاليا من أهم عوامل الكشف عن المواهب وتميز أصحاب الاستعدادات والميولات الخاصة، والمهارات و القدرات المتميزة.
- · عنصر من عناصر التخطيط لأنه يتصل اتصالا وثيقا بمتابعة النتائج، وقد يكشف عن عيوب في المناهج أو الوسائل.
2. طرق تقييم مهارة التعبير الكتابي
يتم تقييم مهارة التعبير الكتابي باتباع مجموعة من
الطرائق والاستراتيجيات التي من بينها
نذكر:
1.2 التقييم باستعمال شبكة الملاحظة
يعد التقييم
باستعمال شبكة الملاحظة من بين طرائق
التقييم التي يستعملها المدرس ليراقب بشكل مستمر مستوى نمو المهارة عند المتعلمين. فالملاحظة تكشف
للمدرس الصعوبات التي يعاني منها المتعلم بشكل دقيق وواضح . فإذا كان
لديه مشكل على مستوى توظيف المعجم أو حسن استعمال التراكيب، فسيتم ملاحظة ذلك و
مساعدة المتعلم على تجاوز تلك الصعوبات.
ومن أهم مزايا استعمال شبكة الملاحظة في تقييم
مهارة التعبير الكتابي نذكر[14]:
· كونه تغذية فورية راجعة للمتعلم.
· تتمتع بمرونة عالية بحيث يمكن تكييفها أو تصميمها بما
يتناسب مع النتاجات الكتابية المختلفة.
· اكتشاف الصعوبات اللغوية فور ظهورها.
· لا تتطلب حيزا كبيرا من الوقت.
· تعطي صورة دقيقة وواضحة
عن المستوى الكتابي للمتعلم.
· تدفع بالمعلم إلى الرغبة في تحسين مستواه ومواجهة
صعوباته.
*نموذج شبكة
تقييم مهارة التعبير الكتابي عن طريق
الملاحظة
الرقم
|
معايير التمكن من مهارة التعبير
لكتابي
|
جيد
|
متوسط
|
ضعيف
|
1
|
استخدام مفردات تنتمي للمعجم العربي الفصيح
|
|||
2
|
تركيب جمل سليمة
|
|||
3
|
جودة الأفكار وتسلسلها المنطقي
|
|||
4
|
احترام علامات الترقيم
|
2.2 التقييم بواسطة مقال
حيث يطلب من
المتعلمين تحرير موضوع إنشائي يعالجون من خلاله قضية ما، وذلك باستثمار كل ما
تعلموه. وتعد هذه الطريقة الأكثر استعمالا لأنها
تتيح تقييم الكفاية التواصلية بجميع عناصرها، كما أنها لا تتطلب الوقت الكثير
مقارنة مع الطرق الأخرى.
3.2 التقييم
بواسطة حقيبة الإنجازportfolio
كان مصطلح portfolio*، أو ما يتم ترجمته بحقيبة الإنجاز في البداية مرتبطا بالمجال
المهني قبل ولوجه الميدان التربوي. وخاصة ما يتعلق بمجال الفن، والفوتغراف
والصحافة."فكان مصطلح portfolio يستعمل على أساس أنه مجموع إنتاجات الأشخاص التي تشهد على كفاءته
بمجال معين، وبانتقال هذا المفهوم إلى حقل
التربية والتعليم بات يعني مجموع الأنشطة
أو التطبيقات التي تتيح للمتعلم تقييم نفسه بنفسه"[15] هذا وقد أشارت ليندا علال في نفس المقال إلى أن التقييم
بحقيبة الإنجاز التقييمية قد يكون ذاتيا عبر تقييم المتعلم لإنتاجاته و تعرفه على أخطائه بالاعتماد على نفسه. كما أنه قد
يكون تشاركيا عبر تقييم المتعلمين
لإنتاجات بعضهم البعض.
ويتجلى
تقييم مهارة التعبير الكتابي بواسطة حقيبة الإنجاز التقييمية من خلال الإنتاجات
الكتابية الخاصة التي يطلبها المدرس من متعليمه والتي يقوم بجمعها ليراقب من
خلالها مدى تحسن أدائهم.
والجدير
بالذكر هنا أن عملية تقييم مهارة التعبير الكتابي لا تتم بطريقة عشوائية بل هي
تخضع لمجموعة من المعايير التي يمكن تصنيفها إلى نوعين: معايير لغوية، ومعايير
شكلية.
3.
معايير تقييم مهارة التعبير الكتابي.
1.1.3 المعيار
التركيبي
ويتم تقييمه
عبر امتلاك المتعلم للقدرات الآتية:
·
القدرة على
بناء جمل وتراكيب سليمة.
·
بناء نصوص
قصيرة بالإكمال والوصل والاستبدال .
·
إنجاز أنشطة
كتابية لبناء فقرة قصيرة بالإكمال
والترتيب أو التحويل.
·
احترام
القواعد اللغوية وتجنب الأخطاء النحوية والإملائية
2.1.3 المعيار المعجمي
أما المكون
المعجمي فيقيم انطلاقا من:
·
قدرة المتعلم على استرجاع الرصيد المعجمي الذي تساهم
القراءة في إغنائه.
·
القدرة على توظيف معجم يتواءم و خصوصيات الموضوع
المطالب بالكتابة فيه.
·
استعمال
رصيد وظيفي فصيح.
فالمشرف على
التقييم يجب أن يقيم غنى الرصيد المعجمي الموظف ومدى انتماء ألفاظه وعباراته للحقل المعجمي العام
للموضوع، إذ أن مهارة المتعلم هنا تكمن في قدرته على إنتقاء ما يناسبه من المفردات
و العبارات لكتابة الموضوع، من بين ما
يملكه من رصيد معجمي هائل يكون قد راكمه من خلال ما قرأ، أو من خلال ما تم تداوله
في حجرة الدرس....
·
مثال : س:
اكتب موضوعا إنشائيا تصف فيه أجواء قيامك بنزهة إلى الغابة رفقة أصدقائك.
ففي هذا
الموضوع مثلا يحتمل أن يكون الحقل المعجمي المهيمن هو الطبيعة. فإذا استطاع
المتعلم أن يحدد وينتقي الحقول المعجمية التي تخص موضوعه يكون قد تمكن بالفعل من
المكون المعجمي.
3.1.3 المعيار الصرفي
في
تقييم المكون الصرفي يؤخذ بعين الاعتبار قدرة المتعلم على استحضار بنى صرفية سليمة تنتمي للنسق العربي الفصيح، أي
أنه يقوم باستثمار ما تعلمه في السنوات الأولى من التعليم الأساسي في دروس
الصرف:(التمييز بين الفعل الصحيح والمعتل، والثلاثي والغير الثلاثي، وقواعد
الإفراد والتثنية والجمع...) وبالتالي
فالمدرس يلاحظ جميع الأخطاء التي تتعلق
بهذا المستوى من اللغة.
4.1.3. المعيار التداولي
و هو المكون الذي لا نجد للتوجيهات2011 حديثا صريحا عنه ،ما عدا ماصدر
مؤخرا عن المنهاج المنقح سنة 2015، حيث أفرد
مساحة خاصة من الاهتمام بتعلم اللغة في سياقات دالة." إذ تم اعتماد ست أنواع من الخطابات اللغوية ،المتداولة، وهي الخطاب
الإخباري والخطاب الوصفي، والخطاب التوجيهي والخطاب السردي والتفسيري..."[17] كما ثم "اعتماد ستة مجالات دراسية لكل سنة
دراسية باعتبارها سياقات معرفية وتواصلية واجتماعية تصرف من خلالها المكتسبات
والتعلمات اللغوية، بشكل يحقق مبدأ وظيفة اللغة في الحياة العامة للمتعلم انطلاقا
من علاقته بذاته، وبالآخر وبمحيطه القريب والبعيد. واستحضارا لمستجدات الحياة الثقافية
والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها"[18].ويظل
الهدف من هذا كله هو جعل التعلمات التي
يتلقاها المتعلم منفتحة على محيطه الخارجي
بطريقة تمكنه من التعبير عن مختلف حاجيته.
2.3 معايير شكلية
المقصود بالعايير الشكلية تلك
المعايير التنظيمية التي قدم وفقها المنتوج الكتابي، وهي معايير ترتبط بالشكل
أساسا.
ومن بين المعايير الشكلية نذكر[19]:
·
الكتابة بخط
واضح.
·
تنظيم طريقة
الكتابة بترك هامش للتصحيح، وفراغ في بداية كل فقرة.
·
نظافة الورقة.
·
القالب الإبداعي (في حالة إذا ماكان النص المطلوب كتابته نصا إبداعيا).
المراجع
المعتمدة:
أولحاج، محمد.2001. ديداكتيك
التعبير تقنيات ومناهج، دار الثقافة، الدار البيضاء.
البرامج والتوجيهات الخاصة بالسلك الابتدائي،2011، مديرية المناهج، الرباط.
خوالدة، أكرم صالح محمود.2012.التقويم اللغوي
في الكتابة والتفكير التأملي، دار حامد، الأردن.
مادي لحسن، 1990.الأهداف والتقييم في
التربية، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع،
الرباط.
مشروع المنهاج الدراسي
المنقح للسنوات الأربع من السلك التعليم الابتدائي،2015، مديرية المناهج.
linda ,acquisition et évaluation
des compétence ,université de Genève.
GRIFED,2000. L'évaluation des compétences chez l’apprenant, aneemarie hayeen, Louvain la neuve