- بقلم الأستاذ : المهدي فاضل
يتكون عنوان
بحثنا هذا، من كلمتين "المثلث الديداكتيكي"، فالمثلث ـ كما هو معروف ـ
شكل هندسي يتكون من ثلاثة أضلاع، تحده ثلاثة أقطاب. أما الديداكتيك فهو شق من
البيداغوجيا موضوعه التدريس.
وعليه، يمكن القول إن العملية التعليمية-التعلمية تقوم
على ثلاثة عناصر أساسية، يتمحور حولها الفعل التعليمي الذي ينشأ من مجموع العلاقات
التفاعلية المتداخلة بين أطرافه، حيث يستمد الفعل التعليمي أهميته من مدى تفعيل
دورها.
وهذا ما
يؤكده هوسيي « Jean
Houssaye »،
إذ يعتبر أنه من غير الممكن تصور العملية التعليمية-التعلمية خارج المثلث
الديداكتيكي/ البيداغوجي، إنه مثلث متساوي الأضلاع، أقطابه الثلاثة: الأستاذ،
والتلميذ، والمادة الدراسية، والعلاقة بين كل طرف وآخر علاقة تشاركية.
أقطاب المثلث
الديداكتيكي:
العملية
التعليمية-التعلمية لا تكتمل إلا باكتمال عناصرها المسطرة تحت ما يسمى بالمثلث
الديداكتيكي، والذي يتكون من ثلاثة أقطاب
رئيسية: المتعلم، المعلم، والمعرفة، كما هو موضع في الشكل التالي:
المتعلم
المدرس المعرفة
يعد هذا
المثلث هيكلا عاما لوضعية جد معقدة تتعدد فيها التداخلات في كل قطب من الأقطاب
الثلاثة، لكونها تشتغل كليا، وبشكل منسجم ومرتبط، فلا يمكن الفصل بينها مهما كانت
الوضعية الديداكتيكية تفاديا للوقوع في الانزياحات والانزلاقات، فإذا أخذنا
المتعلم كمثال، لا يمكن عزله دون أن نأخذ بعين الاعتبار القطبين الآخرين. الأمر
الذي يجعلنا أمام مجموعة من التفاعلات تعكس ثلاث علاقات، كل واحدة منها تحيل إلى
وضعية ديداكتيكية معينة.
وهذه
العلاقات الديداكتيكية لم أتطرق إليها، نظرا لوجود عرض خاص بهذه العلاقات ضمن هذه
الوحدة. ولذلك سأكتفي بذكر مواصفات أقطاب المثلث:
- 1. المتعلم:
وهو الركن
الأساس في العملية التعليمية – التعلمية، بل سبب وجودها. لذا، ينبغي معرفة قدرات
المتعلم ووسطه وحاجياته البدنية والوجدانية والنفسية والمعرفية والاجتماعية،
وبالتالي يجب الوقوف أمام المتعلم موقفا قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة والتقوية
التدريجية لسيرورته الفكرية والعلمية، وتنشئته على الاندماج الاجتماعي واستيعاب
القيم الدينية والوطنية والمجتمعية.
ومن أهداف
العملية التعليمية – التعلمية أن تصير للمتعلم مجموعة من المواصفات.
v
مواصفات مرتبطة بالكفايات والمضامين تتجلى في جعل المتعلم:
- قادرا على التفاعل مع الآخر ومع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته (الأسرة والمدرسة) والتكيف مع البيئة؛
- قادرا على التنظيم (تنظيم الذات والوقت) والانضباط؛
- مكتسبا لمهارات تسمح له بتطوير ملكاته العقلية والحسية والحركية.....
- ومواصفات مرتبطة بالقيم والمقاييس الاجتماعية والتي تتجلى في جعل المتعلم:
متشبعا بالقيم الدينية والخلقية والوطنية والإنسانية؛
متشبعا بروح التضامن والتسامح والنزاهة؛
متشبعا بمبادئ الوقاية الصحية وحماية البيئة....
- 2. المعلم:
أو المدرس وهو الشخص الذي يوفر التعليم
للتلاميذ، فدوره رسمي في كثير من الأحيان، وهو أهم العناصر في العملية
التعليمية-التعلمية.
ويحضر في تراث العربي بمسميات متعددة، من
بينها: الأستاذ، المعلم، المدرس، المربي، المؤدب، الشيخ، العالم...
وكانت له أهمية كبرى ليس فقط في الحياة
العلمية، وإنما في الحياة الاجتماعية أيضا.
ولهذا ينبغي للمعلم أن يتصف بمواصفات تتناسب
والمهمة المسندة إليه حتى يكون أهلا للمسؤولية الملقاة على عاتقه، ومن بين هذه
الصفات نجد:
- القدرة على التخطيط والتدبير؛
- الالتزام بقيم وأخلاقيات المهنية للمساهمة في التنشئة الاجتماعية؛
- التكوين الذاتي والبحث التربوي المتجدد؛
- التمكن البيداغوجي؛
- التواصل الإيجابي مع المتعلمين...
- 3. المعرفة:
هي المادة التعليمية المقررة في ظل المنهاج
التربوي، وهي جملة من المعارف المستهدفة من العملية التعليمية – التعلمية، المحددة
مسبقا في المقررات والبرامج عبر أطوار ، وينبغي للمعرفة أن تتميز بالتدرج في
مفاهيمها.
ولاختيار المادة التعليمية وانتقائها يجب أن
تتضمن مبادئ أساسية، من بينها:
- مراعاة طبيعة المتعلم؛
- مراعاة الأهداف البيداغوجية المسطرة مسبقا؛
- ضرورة ارتباط المحتوى التعليمي بواقع المجتمع وثقافته...
المراجع:
v الدليل البيداغوجي،
وزارة التربية الوطنية، 2008.
v محمد الدريج،
ما هي الديداكتيك؟ مجلة التدريس، كلية علوم التربية بالرباط، عدد:7.
v جماعة من
الباحثين، المدرس والتلاميذ أية علاقة؟ تأليف:، سلسلة علوم التربية، عدد:3.
v ذ. عارف عبد الغاني،
الطرق الديداكتيكية، مجلة الدراسات النفسية التربوية، عدد: 1990.11.