-->
تكنولوجيا التعليم تكنولوجيا التعليم
new
جاري التحميل ...
new

القاموس الحاسوبي ودوره التعليمي




إنجاز: ذ. المهدي فاضل


إن التطور الذي عرفه الدرس اللساني الحديث وانفتاحه على مجموعة من المرجعيات المعرفية الدقيقة، سمح له بالتطرق لمختلف المستويات اللغوية، من خلال ضبط لمجموعة من الأنساق اللغوية والإجرائية ومعالجتها من عدة زوايا صوتية وصرافية والتركيبية ودلالية.. مما مكن اللسانيات الحديثة من الانتقال إلى أنظمة معالجة للغة، وفق استراتيجيات خاصة كالذكاء الاصطناعي، والمنطق، والمعلوميات وغيرها، لتنفتح على عدة مجالات مختلفة خاصة اللسانيات المعرفية والحاسوبية.

تمثل هذا من خلال القاموس الموسوعي سنة 1969، من خلال باب خاص بالذكاء الاصطناعي، ويتجلى هذا في حوسبة الملكة اللغوية، من خلال خلق جسر بين العلوم المعرفية والذكاء الاصطناعي الذي يمثل نماذج حاسوبية للإدراك الإنساني. ويتحقق مجال التطبيقي في نمذجة الاستعمال الانساني للغة، عبر معرفة واسعة باللغات الطبيعية، فحواسبنا مازالت تتخبط في اشكال فهم اللغة وألفاظها، وهذا ما يتحقق إلا من خلال ثورة معرفية انسانية  بامتياز. فمستقبل اللسانيات الحاسوبية يتجلى في تسهيل العمل اليومي، عبر التدقيق اللغوي لبرامج معالجة الكلم.
فاللسانيات الحاسوبية تتناول جوانب صورية، ودور القواميس الآلية كمظهر من مظاهر الجوانب التطبيقية. وقد يتبادر إلى أذهاننا سؤال هل القواميس الآلية توظف المادة المعجمية التقليدية؟
فموضوع البحث المعجمي العربي هو الملكة المعجمية lexical competence)) لمتكلم اللغة العربية باعتبارها جزء من كفايته اللغوية.
فالمستويات المعجمية في القاموس الحاسوبي تتحدد من خلال ما يلي:
-       مدخل
-       معلومات صرفية ونحوية
-       تعريف
-       شواهد
-       صور
فهذه المستويات أو المكونات تنظم سير هذه القواميس الحاسوبية، وتميزها بعدة خصائص، من بينها تنظيم تلك المداخل المعجمية.
إن الحديث عن القاموس الإلكتروني ما زال يبدو غير واضح، بحيث نجده مرتبطا تارة بالمكون المعجمي المعالج، وتارة أخرى، يدل على ضبط إنتاج اللغة أو ما يسمى القراءة المعاونة بالحاسوب.
فالملاحظ بالنسبة للمعاجم التقليدية، أنها اختلفت باختلاف أحجامها وترتيبها، وانحصارها في الورقي، وأن الألفاظ اللغوية كانت يحكمها سياق زمني، وكذلك صعوبة من ناحية التخزين فما وفرته الهندسة الإلكترونية وانفتاحها على عدة امكانات تساعد خاصة المتعلم في تعامل مع طبيعة المداخل المعجمية، وسهولة في ضبطها وحصرها، عكس ما نراه سابقا حيث يصعب على المتعلم البحث عن اللفظة ضمن مداخل متعددة وقد توجه أحيانا إلى المتخصص في اللغة.
فحوسبة القاموس العربي خاصة يبقى مطلبا ملحا وضروريا، من أجل تطوير بعض البرمجيات في مجالي التعليم والتعلم، حيث تهدف إلى تنظيم قواعد اللغة بمختلف مستوياتها الصرفية والصوتية والدلالية والتركيبية. ولبناء قاموس حسابي يجب احترام عدة معطيات من بينها ما يلي:

  •     ارتكاز على جانب نظري من خلال تحليله وصورنته، عبر آليات الوصف والتوليد والتصنيف.

  •     ضرورة الارتكاز على قاعدة البيانات من خلال تطبيق المعالجة الآلية للغات الطبيعية

والهدف من هذا هو توفير الجهد والوقت للمتعلم، وتنمية رصيده المعجمي، والذي يعاني هو الآخر من عدة اختلالات من بينها اعتماد في شرح المفردات على آليات تقليدية لا تخدم  تطور المعاجم الحديثة والتي غالبا ما تتوزع بين :

  • آلية التفسير

  • آلية التضاد

  • آلية التعريف الاصطلاحي

  • المشترك الدلالي

  • الاشتقاق

حيث تعتبر هذه آليات وغيرها محصورا لدى المتعلم، على غرار الإشكاليات الحقول المعجمية الموظفة في الكتاب المدرسي والتي تعاني هي الأخرى من ضبط المصطلح واختلاف سياقات تنظيمها، كل هذا يجعل من المتعلم فقير من حيث مخزون المفرداتي وبالتالي نقص في عدة كفايات أهمها الكفاية التواصلية والابداعية.
فالقاموس الحاسوبي المدرسي محكم بتنظيم وتحديد المادة المعجمية الحديثة، ومواكبة تطور الألفاظ وتعامل مع الغريب منها بإخضاعه لقالب لساني خاص، فالقاموس الالكتروني يحدد المشتقات الصرفية والتركيبية وتصنيف المقولات النحوية: أفعال، أسماء، حروف، ظروف...
وكذلك إلى تنظيم من حيث القواعد وما يميزها من مستويات، فبتطبيق هذا المعطى سيمكننا من لاكتساب رصيد معجمي فعال، وكذلك القدرة على اكتساب اللغة، وتحديد كل كلمة من حيث رسم، وطريقة نطقها، وهذا ما نفتقده في معاجمنا العربية التقليدية.
كما لا ننسى أن التصور الحديث للقواميس على مستوى البيداغوجي يحقق العديد من الكفايات والأهداف نحددها من خلال غايات ومقاصد تعليمية الآتية:

  •   تمكين المتعلم من توليد المشتقات آليا؛

  •    مساعدة المتعلم على البحث بسهولة عن أبواب تصريف؛

  •    تحديد نوعية الفعل من حيث الصحة والاعتلال والهمز والتضعيف؛

  •    تمكين المتعلم من التعامل مع المداخل المعجمية بطريقة واضحة توفر الجهد والوقت؛

  •    القدرة على تصريف الأفعال؛

  •    ويساعد المتعلم على تحديد المشتقات بكل أنواعها؛



  1. خلاصة تركيبية:

نستنتج من خلال هذا أن التطور الذي عرفته القواميس منذ مراحل تاريخية، تحددت بالبحث عن شروح للألفاظ القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، واختلف هذه القواميس في طريقة التبويب، والجمع والتنظيم. وكذلك نجد حضور الوعي التعليمي خاصة في معاجمنا القديمة من خلال وضع مختصرات للعديد من المعاجم منها الصحاح للجوهري، من تمة عملوا على خلق أداة تعليمية تساعد على ضبط اللغة من حيث القواعد، ورصيدها.
كما أسهمت النظريات اللسانية الحديثة في تطوير القواميس وانتاجها بطريقة تراعي خصوصية المتكلم من ناحية وتكتسي سهولة من حيث طابعها التعليمي، مما يأهلها لكي تكون قواميس تربوية، وأن لا تنحو نحو قواميس تجارية أكثر منها أكاديمية.
وختما يمكن القول أن القاموس المدرسي يتوجه إلى متعلم، خصوصا مرحلة الابتدائية والاعدادية، غير أننا يجب انفتاح على القواميس المدرسية الحديثة من خلال مقاربات معجمية وانفتاح على  باقي النظريات اللسانية بهذا الخصوص، كما يجب ربط هذه القواميس حسب مستوى المتعلمين، والابتعاد عن العمل التراكمي الذي لا يراعي سن المتعلم ولا مستواه التعليمي، فهذه الأخير تخلق للمتعلم رصيد معجمي يمكنها من تعبير عن لغته وامتلاك ناصية اللغة، وتوظيفها في وضعيات تواصلية مختلفة، ففقر المخزون المعجمي يولد ضعف من ناحية التعبير الشفهي والكتابي وغيرها، مما قد يسهم هو الأخر في تعثر مدرسي، فقواميس الحاسوبية تلعب دورا تعليميا، وتواكب عصر المتعلم وتعامله مع المعلوميات، ولا يكتفي فقط بالتعامل مع المعاجم ورقيا.
















  1. المراجع المعتمدة

الموسى (نهاد)، العربية نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، أزمنة للنشر والتوزيع، عمان،ط1،2000،ص:5
الفاسي الفهري (عبد القادر)، المعجمة والتوسيط، نظرات جديدة في قضايا اللغة العربية، المركز الثقافي العربي، البيضاء، 1997،ص:62
عبد الغني أبو العزم، مشروع "المعجم الحاسوبي العربي".
عبد الغني أبو العزم وآخرون، المعجم الحاسوبي العربي التصور والمنهجية، مجلة الدراسات المعجمية،عدد7-8،2009،ص:19-18
الحياني (التهامي)، المعجم الحاسوبي ودوره في تعليم وتعلم اللغة العربية، بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، كلية علوم التربية،2002،ص:32.


تكنولوجيا التعليم

بقلم :تكنولوجيا التعليم

هدفي من خلال القناة هو تأطير وتطوير إدماج تقنيات المعلومات والاتصال في التعليم،وقيمة الإنسان ليس بما يملك،بل إن قيمته فيما يقدم للآخرين.

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

مرشدي في تعلم العربية

 

تصميم الموارد الرقمية

 

مدخل ‘لأى المونتاج

 

جديد سنة 2017

جميع الحقوق محفوظة

تكنولوجيا التعليم

2016